مستقبل التعليم الرقمي

علاء الشيمي*

عانت جميع القطاعات آثار تفشي الجائحة بما فيها قطاع التعليم. وعلى مدار العام الماضي، لم يتمكن 1.5 مليار طالب – أي حوالي 90% من طلاب المرحلة الابتدائية والثانوية والجامعية في جميع أنحاء العالم – من الحضور إلى صفوفهم الدراسية في المدارس أو الجامعات لفترة معينة على الأقل. وعلى الرغم من أن مشاريع التحول الرقمي في القطاع التعليمي كانت قائمة على قدم وساق في الكثير من الدول بما فيها دول منطقة الشرق الأوسط قبل تفشي الجائحة، إلا أن الأزمة العالمية كان لها دور حاسم في دفع عجلة التحول الرقمي وتحفيز مزودي خدمات التعليم للبحث وتبني مزيد من الحلول لضمان مواصلة العملية التعليمية.

فرضت الجائحة أشكالاً جديدة من التعليم في العديد من البلدان من أجل ملاءمة المتطلبات والظروف الخاصة بكل شخص. فقد أصبح التعليم الهجين شائعاً، ويعني أن يحضر بعض الطلاب إلى الصف الدراسي شخصياً فيما ينضم طلاب آخرون من خارج الصف – أي من المنزل على سبيل المثال أو من أي مكان آخر عبر الإنترنت. وتسارعت وتيرة الرقمنة في التعليم حيث تزايد الطلب من الطلاب والمعلمين على حد سواء على توفير المواد التعليمية والتعلم في أي وقت ومكان، مما أدى إلى زيادة الطلب على إنشاء وصيانة البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات الحديثة والمخصصة للمؤسسات التعليمية لتسهم في تعزيز منصاتها وبيئات التعلم والعمل فيها بأساليب أكثر تفاعلية وذات قيمة مضافة.

في منطقة الشرق الأوسط، لم تتردد الحكومات في الاستثمار بقطاع التعليم بشكل كبير بما يتماشى مع خطط التحول الوطنية التي تهدف إلى تطوير «اقتصاد قائم على المعرفة»، حيث تخصص دول المنطقة ما يصل إلى 19% أو أكثر من ميزانياتها للتعليم في إطار تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

الاعتماد على التقنيات الحديثة في التعليم ليس توجهاً جديداً وليد الأزمة، إلا أن الأمر لم يعد يقتصر على التعليم والتعلّم عن بعد فحسب، فالتقنيات الأكثر تقدماً مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز يتوقع لها أن تسهم في توفير بيئات تعلّم تفاعلية داخل بيئات التعليم وخارجها، مما يتيح توفير العملية التعليمية وإجراء التجارب في المختبرات الافتراضية بشكل أسهل من خلال توفير تجربة تفاعلية سمعية وبصرية وثلاثية الأبعاد للطلاب.

وستتطلب هذه التحولات تحديث البنية التحتية للاتصالات لتلبية متطلبات النطاق الترددي العريض النطاق والانتقال إلى توفير التغطية اللاسلكية في كل مكان من خلال تنفيذ شبكات الجيل الخامس وتقنية «واي فاي 6» الفائقة السرعة ذات الميزات غير المسبوقة. ويمكن أن تسهم الشبكات المتكاملة واللاسلكية بالكامل في تشغيل العمليات بشكل آلي وتعزيز الكفاءة وتجربة المستخدم في المقار التعليمية من خلال دمج وظائف الأمان المتكامل والتغطية اللاسلكية بالكامل وعمليات التشغيل والصيانة التنبئية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي. وتوفر تقنية «واي فاي 6» الاتصال اللاسلكي بسرعة جيجا بايت لجميع الأجهزة وفي أي مكان ضمن المرافق الجامعية سواء كان الجهاز هاتفاً محمولاً أو جهاز كمبيوتر محمولاً أو جهازاً لوحياً أو طابعة أو شاشة تفاعلية أو سماعة رأس تعمل بالواقع الافتراضي أو الواقع المعزز أو جهازاً يعتمد على إنترنت الأشياء.

ويمكن لقراءة البيانات وتحليلها التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أن تسهم في توفير سجلات الحضور بدون تلامس والحفاظ على التباعد الاجتماعي والتأكد من وجود الكمامة وإدارة الهوية الرقمية. وتزداد أهمية التطبيقات الذكية التي تعتمد على الحوسبة السحابية بفضل تقنية المعلومات والاتصالات المبتكرة والتي تسهم في تحويل قطاع التعليم بما يتماشى مع المتطلبات المستقبلية التي تأخذ بعين الاعتبار كافة التحديات كالأزمة التي نحن بصددها حالياً.

من خلال التعاون مع الشركات التقنية الرائدة ومزودي خدمات وحلول الاتصالات، يعتمد المعلمون في الوقت الحالي على البنية التحتية الرقمية بشكل كبير، ويستثمرون بثقة في الحلول الرقمية التي تسهم في تحسين قدرات التقنيات الحديثة، وبالتالي تعزيز الابتكار في إدارة التدريس والتعلم وتحسين بيئاته وأساليبه وأنظمته.

وباعتبارنا شريكاً استراتيجياً للعديد من المؤسسات الأكاديمية في الشرق الأوسط وخارجه، لاحظنا أن هناك رغبة كبيرة في الحصول على الحلول التقنية المتطورة التي تلائم جميع السيناريوهات وتجمع بين ميزات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء من أجل تعزيز التعليم الحديث. وفي هذا الإطار، تعاونت هواوي – على سبيل المثال لا الحصر – مع شبكة الإمارات الوطنية المتقدمة للتعليم والبحوث «عنكبوت» على نشر حل متكامل يعتمد على الحوسبة السحابية بما في ذلك توفير منصة للحوسبة السحابية وشبكة معرّفة بالبرمجيات وشبكة مراكز البيانات فائقة السرعة وتقنية التخزين all-flash فائقة الكفاءة، مما يسهم في تمكين «عنكبوت» من توفير خدمات وحلول الحوسبة السحابية المميزة لشركائها من المؤسسات.

كما تعاونت وزارة التربية والتعليم في الإمارات مع هواوي على تطوير حل الشبكات اللاسلكية بالكامل لتوفير الاتصال السريع للسكان والمجتمعات، مما يضمن مواصلة التعلم وتوفير الخدمات بشكل ثابت وسلس. وتتواصل ثورة التعليم الذكي بفضل مشروع الحرم المدرسي الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم ومشروع ابتكار شبكة «واي فاي» والذي يشمل أكثر من 400 مدرسة.

وفّرت هواوي الحلول التقنية الحديثة لعملاء التعليم على المستوى العالمي على مدار أكثر من 10 أعوام بدءاً بأحدث الصفوف الدراسية التي تواكب المتطلبات المستقبلية للتعليم، وصولاً إلى الدول الأقل نمواً، حيث ساهمنا في نشر التعليم على نطاق واسع للجيل القادم. وتعمل هواوي مع العملاء بالتعاون مع شركاء النظام الإيكولوجي في قطاع التعليم من أجل تحقيق التحول نحو التعليم الذكي الذي يواكب جميع السيناريوهات.

سيتم توفير التعليم وتنفيذ الإدارة والبحث بشكل مدروس ومتصل وذكي بالكامل في المستقبل. وسيصبح التعلم الهجين هو النظام التعليمي المعتاد في المستقبل للمساهمة في جَسْرِ الفجوة بين بيئات التعلم المادية والافتراضية وإتاحة التعلم عند الطلب. وبفضل التطور الذي تشهده التكنولوجيا وتقنيات الاتصال، سيتمكن الطلاب من تلقي التعليم بالطريقة التي تناسبهم وتخطي العوائق الثقافية والجغرافية. كما سيكون للتكنولوجيا دور في التحكم بالعملية التعليمية وفقاً لاحتياجات كل طالب، مما يؤدي بدوره إلى تحسين جودة التعليم وتكافؤ الفرص التعليمية. ونحن نؤكد بدورنا حرصنا التام على تشارك علومنا وخبراتنا في مجال التعليم، والتوسع بشراكاتنا المنفتحة وتعاوننا مع القطاعين العام والخاص في دول المنطقة.

المصدر: موقع الخليج
جريدة الخليج