دور التقنيات الرقمية في تمكين أعمال قطاع النفط والغاز

علاء الشيمي

أبرزت الأزمة التي فرضها تفشي فيروس كورونا، أهمية اعتماد استراتيجية متينة؛ لإنجاز التحول الرقمي لمختلف القطاعات والصناعات في دول منطقة الشرق الأوسط، لا لضمان استمرارية الأعمال فحسب؛ بل لتمكينها من مواجهة متطلبات المرحلة الحالية بشكل أفضل، والارتقاء بها نحو مرحلة جديدة من الرقمنة تتناسب مع المتطلبات المستقبلية. وينطبق ذلك بشكل خاص على قطاع النفط والغاز الذي ما يزال يمثل ركيزة اقتصادية أساسية في العديد من دول المنطقة؛ لكنه يستمر بمواجهة تحديات متزايدة، تتمثل في تقلبات الأسعار، وارتفاع التكاليف التشغيلية، وطبيعة عمل الكوادر البشرية ومتطلبات الأمان، إضافة إلى هموم المشاكل الصحية والبيئية، لاسيما في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وانخفاض أسعار النفط.

على مدار الأعوام الماضية، حققت العديد من الشركات في المنطقة – خاصة شركات النفط والغاز – إنجازات لا يستهان بها على صعيد التحول الرقمي. ولا بد أن نثني على جهود التحول الرقمي الذي حققته هذه الشركات؛ باعتباره دليلاً واضحاً على تبني الدور المهم للتكنولوجيا في الحفاظ على استمرارية نجاح الأعمال والانتقال بها نحو عصر جديد من الإنتاجية والجودة. ووفقاً لتقرير صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن التحول الرقمي، يمكن أن يحقق لقطاع النفط والغاز قيمة جديدة تفوق 1.6 تريليون دولار في الفترة بين عامي 2017 و2027.

وعلى الرغم من ذلك، ما يزال المجال مفتوحاً وواسعاً أمام قطاع النفط والغاز؛ لتحقيق المزيد من الإنجازات على صعيد التحول الرقمي، وهذا ما تؤكده الدراسات الحديثة مثل مؤشر «ديلويت» للتحول الرقمي. وعلى ضوء التطورات المتسارعة للعصر الصناعي الرابع، ستزداد حاجة العالم إلى الطاقة على المدى الطويل، مما يتطلب نشر وسائل جديدة؛ لتلبية هذه الاحتياجات وفقاً لأفضل معايير العمليات التشغيلية والإنتاج.

خلال الحقبة الرقمية الحالية، هناك العديد من الفرص الغنية المتاحة لشركات النفط والغاز على صعيد تعزيز أعمالها، وتحقيق مكاسب كبيرة في ظل بدء تعافي الاقتصاد من آثار الجائحة؛ حيث ينبغي عليها تحويل التحديات التي تواجهها إلى فرص للنمو، والسعي لتحقيق إنجازات كبرى لأعمال قطاع الطاقة، بما يتماشى مع المتطلبات المستقبلية. ويمكن لشركات النفط والغاز في الشرق الأوسط على وجه الخصوص أن تغتنم فرصة الاستثمار في التقنيات الحديثة؛ لتحسين أنشطتها التشغيلية؛ وتعزيز خطط الصحة والسلامة؛ ودعم عمليات الاستكشاف والإنتاج، لاسيما أن البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات في الدول المنتجة للنفط بالمنطقة، ترتقي لمصاف أفضل البنى التحتية المتقدمة حول العالم.

على المستوى التشغيلي، تبرز أهمية التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء المدعومة بمميزات شبكات الجيل الخامس الفائقة السرعة في تمكين مراقبة أفضل للتجهيزات والظروف المحيطة ببيئة العمل بشكل مباشر، كما توفر المزيد من الشفافية والإنتاجية وقدرات التحكم بالعمليات، مما سيؤدي إلى تعزيز كفاءة العمل وتقليص التكاليف. ومن خلال الاعتماد على التشغيل الآلي باستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات، يمكن للشركات مواصلة أعمالها وضمان استمرار الإنتاج عند تناقص القوى العاملة لديها. وستثبت هذه الإسهامات أهميتها في استمرار الأعمال وسياسات المحافظة على الصحة العامة والمعايير البيئية التي تستهدف الحفاظ على صحة وسلامة الموارد البشرية والتحول نحو العمليات التشغيلية الأكثر استدامة وصداقة للبيئة.

بالنظر للتحديات التي تشهدها الأسواق في الوقت الحالي، بات من الواضح أننا نواجه ظروفاً تفرض علينا تبني ابتكارات وحلول جديدة لتجنب انقطاع الخدمات وعدم قدرتها على التكيف للاستمرار بفترة ما بعد الأزمة. وقد أبرز تفشي فيروس كورونا المستجد الحاجة المتزايدة إلى إنجاز التحول الرقمي في قطاع النفط والغاز، إلا أن للأمر جانب إيجابي يتمثل في الفرص الكبيرة التي يوفرها التحول الرقمي من أجل استئناف العمل بكفاءة في فترة الخروج من الأزمة، وأعتقد أن علينا جميعاً تبني هذا النهج على الفور، واستغلال الوقت بالشكل الأمثل لنكون على أهبة الاستعداد للتعامل مع كافة المتطلبات المستقبلة.

Source: موقع صحيفة الخليج