بناء المدن الذكية لتعزيز البيئة الحضرية المستدامة في الكويت

بقلم:علاء الشيمي.. المدير التنفيذي ونائب رئيس مجموعة أعمال هواوي إنتربرايز لقطاع المشاريع والمؤسسات في الشرق الأوسط

يأتي مفهوم المدن الذكية في مقدمة أجندة التنمية الوطنية في الكويت التي تخطو خطوات ثابتة يوما بعد آخر نحو تحقيق خططها في تنفيذ مشاريع المدن الذكية التي سيسهم تطبيق نظامها في دفع عجلة التنمية وتعزيز التخطيط فضلا عن توفيرها أفضل الخدمات للجمهور.

وستساعد البنى التحتية المتطورة التي تم إنجازها في الكويت وفقا لآخر ما توصلت اليه التكنولوجيا على دفع عجلة التحول الرقمي واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية نتيجة تطبيقها أفضل المعايير والممارسات العالمية، ما يعطي الكويت قدرة أكبر على تحويل مناطقها الى مدن ذكية وفق الخطط الاستراتيجية الموضوعة التي ستؤتي أكلها على مستوى تحسين الطاقة والبيئة والتخطيط العمراني وأنظمة التنقل، فضلا عن تحسين الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وغير ذلك من مميزات المدن الذكية التي تهبها لنا إيجابيات التكنولوجيا الحديثة.

ووفقا للأمم المتحدة، فإن ما يقدر بـ 68% من سكان العالم سيعيشون في مناطق حضرية بحلول 2050.

ويعتبر هذا العدد من السكان كبيرا جدا، حيث سيساهم استخدام التقنيات في المدن خلال وقتنا الحالي في توفير بيئة حضرية عملية ومريحة وملائمة للنمو السكاني.

وتنطوي الحياة في بيئة ذكية ورقمية ومعززة على الكثير من الفوائد، حيث تعتبر وسائل الراحة والاتصال أمرا أساسيا وشديد الأهمية.

وتتطور بعض التقنيات مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار والأمان والتي من شأنها الإسهام في تعزيز مستوى الحياة في المدن بجميع أنحاء الكويت، وتمكين مزيد من مظاهر المدن الرقمية وتسهيل عملية التحول.

ولا شك أن التكنولوجيا تعتبر عاملا أساسيا في صميم المدن الذكية، إذ تسهم في التكامل بين العالم المادي والرقمي وتعتبر بمنزلة القلب النابض للمدينة من خلال تعزيز الاتصالات وتوفير الاتصال الكامل بإنترنت الأشياء لجميع الأشخاص والأشياء.

كما تتفاعل التكنولوجيا مع البيئة المحيطة وتتكيف معها، حيث تجمع وتحلل البيانات الضخمة لتتيح اتخاذ قرارات صحيحة تسهم في تطوير المدينة لخدمة جميع سكانها.

تمكن المدن الذكية الحكومات والمواطنين على حد سواء من متابعة الوضع داخل المدينة أولا بأول عبر أجهزة الهواتف الذكية والحواسيب، مما يتيح لرواد تلك المدن النأي بأنفسهم عن صخب المناطق المزدحمة واعتماد الطاقة المتجددة.

والتمتع بالعديد من المميزات التي لا تتوافر في المدن التقليدية التي لا تعتمد الأنظمة الرقمية، بما في ذلك خدمات افضل في الاتصالات والنقل والطوارئ والمرافق العامة، فضلا عن خدمات أكثر دقة كقدرة ساكنيها على مراقبة مستوى التلوث في كل شارع وتلقيهم تنبيهات عند تجاوز مستوى الإشعاع حدا معينا.

وسيكون للجيل الخامس دور كبير في تطور المدن الذكية، فما تزال تقنيات الجيل الخامس في مرحلة الانتشار في جميع أنحاء الشرق الأوسط – مع إطلاق الكويت شبكات وخدمات الجيل الخامس – مما سيتيح إمكانات جديدة لن يقتصر دورها على تعزيز الاتصالات فحسب، وإنما سيمتد أثرها ليشمل الاقتصاد أيضا من خلال توفير وسائل جديدة للبحث والاكتشاف لم يكن التوصل إليها ممكنا في ظل الأجيال السابقة من الشبكات.

ورغم أن أهمية الجيل الخامس تتجلى من خلال تطور المدن الذكية، إلا أنه يمثل إلى حد كبير نهاية التطور التكنولوجي المستمر.

وسيكون لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات دور أساسي في إنشاء نظام من الشبكات المتصلة تشمل كل جوانب المدينة بما فيها السكان لتكون متصلة بالكامل.

وتبرز هنا ضرورة تحقيق التوازن بين التقنيات الرائدة مثل الحوسبة السحابية المتطورة وتحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتطورة سواء الموجودة حاليا أو التي سيتم إطلاقها لاحقا.

ربما يكون النظام الإيكولوجي هو المفهوم الأكثر أهمية فيما يخص تطور المدن الذكية، فتقنية إنترنت الأشياء تتطور بسرعة كبيرة، مما يساهم في إنشاء نظام إيكولوجي متصل يشمل كل نواحي الحياة سواء كنا نلاحظ ذلك أم لا.

ومن المهم أن نفكر بوسائل عملية من خلال البحث في طرق تكامل واتصال التقنيات المختلفة وبالتالي إنشاء منظومة اتصال سلسة تشمل كل أنحاء المدينة.

ومن الناحية النظرية، ينبغي للمدن الذكية اعتبارا من أضواء الشوارع المتصلة إلى شبكات النقل المستقلة والساعات الذكية والهواتف الذكية – في ظروف مثالية – تمكين جميع العناصر من توفير المعلومات في بيئة شاملة تتيح للمواطنين اتخاذ القرارات الصحيحة والذكية بفضل البيانات التي يتم جمعها وتحليلها باستخدام مختلف التقنيات المتوافرة.

إن السعي إلى استغلال الإمكانات الهائلة التي تتيحها التكنولوجيا المستخدمة في المدن الذكية سيسهم في إنشاء بيئة مستدامة، وقابلة للتطور، وأكثر قدرة على استيعاب السكان مهما كان معدل النمو السكاني خلال العشرة أو الثلاثين أو المائة عام المقبلة.

المصدر: موقع جريدة الأنباء الكويتيه