لا شك أننا نستهلك اليوم كميات هائلة من الطاقة أكثر من أي ذي وقت مضى
بقلم: علاء الشيمي، العضو المنتدب ونائب الرئيس لمجموعة أعمال “هواوي إنتربرايز” لقطاع المشاريع والمؤسسات في منطقة الشرق الأوسط
لا شك أننا نستهلك اليوم كميات هائلة من الطاقة أكثر من أي ذي وقت مضى، وتسعى شركات المرافق العامة جاهدة لتغدو أكثر كفاءةً وقدرةً على تلبية متطلبات الطاقة المتزايدة للمجتمعات، إذ تشير التوقعات إلى ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة بواقع 37 بالمائة بحلول عام 2040 وفقاً للوكالة الدولية للطاقة. وبالنظر إلى منطقة الشرق الأوسط، نجد هنالك تنوعاً كبيراً في نوع ومستوى الطلب على المرافق العامة. فدولة الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال، لا تدخر جهداً في العمل على خفض مستوى استهلاك المياه باعتبار ها تحتل إحدى أعلى معدلات استهلاك المياه للفرد الواحد. وإذا ما اتجهنا قليلاً نحو الغرب، نجد أن المملكة الأردنية الهاشمية تعاني باستمرار من شح المياه وتسعى أيضاً لإيجاد الحلول الكفيلة بمواجهة هذا التحدي.
ومن جهتها شرعت المملكة العربية السعودية في رسم الخطوط العريضة لخطتها لمرحلة ما بعد النفط. أما جمهورية مصر العربية، فقد قررت الاستفادة من الطاقة الكهرومائية كوسيلة اقتصادية لتوليد الطاقة. وبالرغم من أن هذه كلها مبادرات حكومية من شأنها أن تعود بالكثير من النفع على الخطط الوطنية، إلا أن شركات الخدمات والمرافق العامة هي الواجهة التي يتعامل معها المستهلكين بشكل مباشر، وبالتالي سيتوجب عليها أن تكون على أهبة الاستعداد لمواجهة التغيير القادم.
ولاشك أن مسيرة تطور الابتكار تتماشى اليوم مع الوتيرة المتسارعة لمتطلبات العملاء، فكلاهما في زيادة مستمرة ولكن على نحو متواز نوعاً ما. فعندما يبدأ المواطنين بالوقوف على حقيقة الفرص السانحة أمامهم للتنعم بأسلوب حياة أكثر تناغماً ودون أي تعقيد، يصبح لزاماً على شركات القطاعين العام والخاص الشروع الفوري في العمل على تطبيق ذلك على أرض الواقع، وتلبية ماينشده المواطن.
يأخذ تحقيق هذا العامل أهمية خاصة في قطاع الطاقة والمرافق العامة. وهو القطاع الذي لابد للمواطنين الاشتراك في الخدمات المقدمة من خلاله بخلاف الخدمات الأخرى، الأمر الذي يلقي حملاً على مزودي الخدمات ويدفعهم إلى السعي الدؤوب دونما توقف نحو تطوير أساليب عملهم ومستوى كفاءة خدماتهم بهدف الوفاء بمطالب كل من المواطنين، والسياح، والشركات، ما يفرض على الرؤساء التنفيذيين في شركات المرافق العامة أخذ ذلك نصب أعينهم عندما يقررون خوض غمار التحول الرقمي والتأكد من وجود الأشخاص المناسبين على أهبة الاستعداد لتنفيذ التغييرات الجوهرية المطلوبة.
ولحسن الحظ، فإن إنترنت الأشياء هي إحدى التقنيات الحديثة التي افرزتها التكنولوجيا وتعتبر الحل الأمثل للتعامل مع متطلبات التغيير اللازمة لشركات الخدمات والمرافق العامة، نظراً لقدرتها بالدرجة الأولى على زيادة كفاءة الطاقة بشكل لافت، مما يؤدي إلى توفير المال والوقت للجميع. ولعل خير مثال على ذلك العدادات الذكية، والتي باتت اليوم الخيار المفضل لدى شركات المرافق العامة. وقد أورد موقع “بزنيس إينسايدر” تقريراً بهذا الخصوص يفيد بأن عدد العدادات الذكية المركبة سيزداد من 450 مليون عداد في عام 2015 ليصل إلى 930 مليوناً في عام 2020.
فمعرفة الكمية المستهلكة من الطاقة لا يعود بالنفع على الحكومات التي تضع نصب أعينها تطبيق استراتيجية ترشيدها فحسب، وإنما أيضاً على المواطنين الذين يقطنون في البلدان التي تعاني من شح الطاقة. وهو ما نعنيه بالضبط عندما نناقش موضوع المدن الذكية. وبلا شك، سيكون قطاع النفط والغاز أحد المنتفعين من هذا الأمر، إذ أن 62 بالمائة من المسؤولين التنفيذيين في هذا القطاع يقولون بأنهم سيقومون بزيادة استثماراتهم في التكنولوجيا الرقمية خلال السنوات الخمس القادمة أو أكثر.
لقد كانت شركة “هواوي” سباقةً في حصد ثمار نجاح مثل هذه المبادرات، ومن الأمثلة على هذه المبادرات الناجحة، تقديم يد العون لبناء شبكات ذكية في نيجيريا، وهو ما ساعدهم على خفض نسبة الطاقة الضائعة بنحو 31 بالمائة وتحصيل 100 بالمائة من قيمة التحصيل اليومي عن بعد بواسطة بيانات العدادات.
تعد هذه الفكرة فكرةً مبدئيةً فقط، لكن الفرص التي تلوح في الأفق في هذا الصدد لا تعد ولا تحصى. حيث تتجه تقنية “بلوك تشين” مثلاً نحو تفعيل مفهوم اقتصاد الطاقة المشترك، وستؤدي موارد الطاقة الموزعة إلى فرض تطبيق نظم إدارة شبكات جديدة. فيما سيؤدي الربط الرقمي للعملاء إلى توفير فرص خدمات جديدة. وستأتي الطائرات بدون طيار لتزيد من روعة الأمر عندما تفسح المجال لإجراء بحث ميداني أكثر تعمقاً وإبداعاً.
وتعمل شركة “هواوي” على تطوير العديد من الحلول المتطورة التي من شأنها الاستفادة من هذه الإمكانيات في جميع أرجاء العالم. وقد انتشرت الشبكة الذكية للشركة المعروفة بـ “Better Connected Smart Grid” حتى تاريخه في 65 بلداً لتخدم أكثر من 170 عميلاً يعملون في قطاع الطاقة. وستتيح لنا شراكتنا مع الهيئات الحكومية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المجال لنشر المزيد من هذه الحلول في هذه المنطقة، ودعم خطط واستراتيجيات البلدان في تحقيق أهداف توفير الطاقة التي يتطلعون لتحقيقها. ولكي ننجح في هذا المسعى، علينا أن نظفر بلقب رواد البنية التحتية في مجال الطاقة الكهربائية، وتزويد العملاء بحلول تتناسب مع احتياجاتهم الخاصة في مجالات توليد الطاقة ونقلها وتوزيعها وتحويلها واستهلاكها. فالدخول إلى قطاع الخدمات المرفقية الذي يمتاز عادة بالتطور البطيء، يكمن في التركيز المستمر على تجربة العملاء والتفاعل معهم والوقوف على كافة التحديات التي يواجهونها والعمل على حلها بما يتناسب مع طبيعة كل سوق، ولا شك أن دخول التقنيات الحديثة في مضمار الخدمات والمرافق العامة سيفضي إلى تحقيق مزايا اجتماعية عملية ملموسة، ويرتقي لما ينشده المواطن من خدمات عصرية ميسرة، بنوعية عالية وسعر منافس، ما ينعكس إيجاباً على مستوى السعادة التي باتت اليوم محور تركيز للعديد من الدول.
Source: Arabian Business