يمثل سوق قطاع تقنية المعلومات في المملكة 40-45% من سوق الشرق الأوسط، مما جعله محط أنظار كثير من الشركات العالمية، أن خصائصه الديموغرافية فهي مؤشر كبير لإنجاح أي مشاريع اقتصادية كبيرة تنفذ فيه.
وهنا شركات كان لها كسب السبق في الدخول للملكة، وأخرى دخلت مؤخرا بعد دراسات وأبحاث مستفيضة، وفي النهاية المكسب للجميع، والفائدة للملكة بتنوع الاستثمارات فيها، وإذكاء روح التنافس بين أرجائها، مما يعود على المواطن والمقيم بجودة الخدمة وتناسب الأسعار.
وفي هذا اللقاء مع علاء الشيمي مدير عام شركة (اتش بي بروكيرف) في الشرق الأوسط، الذي كان له زيارة عمل للمملكة فالتقت به (الرياض)، ليحدثنا عن الهموم التقنية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت العالم، ليعلنها صريحة بأن المملكة بخير من تلك النكبة، فإلى مجريات الحوار:
- ما هو تقييمكم لوضع المملكة الاقتصادي؟، وما هو حجم أعمالكم فيها، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحديثة، وهل تأثرتم بها فعلا؟.
- تعتبر المملكة في أوج فتوتها، وقمة نضوجها الاقتصادي، ولعل أكبر دليل على ما أقوله هو الميزانية الضخمة التي أعلنت هذا العام، وكذلك مخصصات المشاريع التنموية؛ كالتعليم، والمدن الاقتصادية، والمراكز البحثية المتخصصة.
وقد تكون تلك الطفرة الاقتصادية، هي نتيجة إلى اعتماد المملكة بشكل رئيسي على المصرفية الإسلامية، وفي المقابل هناك ذعر وهلع عالمي جراء الأزمة المالية التي طالت الأخضر واليابس في الدول الرأسمالية، وانسحب ذلك الذعر على الدول الأخرى، حتى ولو لم يكن هناك تأثير مباشر، وذلك بحكم التقارب المعنوي الذي أحدثه الإعلام بجميع قنواته، وأقسامه، وأصبح هناك تخوف وتوجس من جميع الشركات والمنظمات والهيئات الحكومية والخاصة.
- هل أثرت تلك الأزمة الاقتصادية على حجم أعمالكم في المملكة، وخصوصا أن دخولكم للسوق جاء متأخراً كثيرا؟.
- بالنسبة لحجم أعمالنا فلم نلحظ أي تغير من ناحية التقليص أو التقليل، ولله الحمد، بل على العكس تماما، فقد شهدنا ازديادا في الطلب على منتجاتنا وخدماتنا المختلفة، ولعل ذلك يعزى إلى سببين رئيسين، هما؛ أن عملاءنا هم من نوع الشركات العملاقة، والجهات الحكومية الكبرى، والسبب الآخر؛ هو أن منتجاتنا ليست من النوع الاستهلاكي الذي يمكن الاستغناء عنه بين عشية وضحاها.
- هناك من يدّعي بوجود اهتمام فوق العادة بالتقنيات الحديثة في المملكة، وبذخ في الإنفاق، وسوء تخطيط، وخاصة مع الميزانيات الضخمة المخصصة لتلك القطاعات، فهل تلاحظون شيئاً من هذا القبيل؟.
- تمثل المملكة ما نسبته 40%-45% من إجمالي سوق تقنية المعلومات في الشرق الأوسط، تلك مؤشرات جيدة، وتعطي انطباعاً ممتازاً عن وضع المملكة الاقتصادي في هذا الوقت الراهن، وقد يزداد بعد اكتمال دخول الشركات العالمية للاستثمار فيها، وبدء ممارسة أعمالها فعلياً.
كل ما سبق ذكره، يحتم على المملكة الاهتمام بالتقنيات الحديثة، والأخذ بأسبابها، والاعتماد عليها، وخاصة فيما يتعلق بالبنى التحتية، والتوسع في المشاريع الإنمائية، وهذا ما هو حاصل في هذه الأيام.
أما بالنسبة للبذخ، أو سوء التخطيط الذي تتساءلون عنه، فإنه غير موجود، بل على العكس تماما، ونحن نلحظ ذلك، فهناك ضغوط من خلال المفاوضات المطولة على الشركات المصنعة والمنفذة لتخفيض الأسعار، وتقليل قيمة المناقصات. هذا من جانب، ومن جانب آخر؛ فهناك منافسة شديدة في السوق التقني خصوصا، وهناك بدائل كثيرة، فلا مجال للتشبث بشركة بعينها.
وأود هنا أن أقول كلمة، وهي أمانة يجب أن أفصح بها؛ أن جميع عملائنا في المملكة، وصناع القرار في الشركات الكبرى، والجهات الحكومية التي عملنا معها، لديهم تخطيط استراتيجي، وبُعد نظر اقتصادي، وقرارات حكيمة، مبنية على أساسات علمية، واستشارات عالمية، وبيوت خبرة رصينة، ولكن وكما يقال؛ لكل قاعدة شواذ، فقد لا يخلو الأمر من تصرفات فردية نادرا ما تحدث، وهو الحال في كل بقعة من العالم.
- من المعروف عنكم؛ أنكم تعتمدون في إستراتيجيتكم الإنتاجية على المعايير المفتوحة القابلة للتطوير، فما أسباب توجهكم هذا؟.
- لعل إتباعنا لهذه الإستراتيجية، هو إيماننا العميق بأن المعرفة والانتفاع بها، هو حق متاح للجميع، ومن ناحية أخرى فإن هذا النوع من التفكير؛ وهو الذي يعتمد على التعايش والتوافق مع الآخرين، هو المرغوب به على المستوى الثقافي، والاجتماعي، والمهني أيضا، وهناك تجارب مريرة لقطاع الأعمال مع شركات ضخمة، حيث يتم التعاقد معها لتنفيذ مشاريع معينة، لتتفاجأ بعدئذ، من أنهم لا يستطيعون تطوير، أو توسيع تلك المشاريع، إلا عن طريق نفس الشركة المنفذة، مما تسبب في حرج شديد لأصحاب تلك المشاريع، وبالتالي رضوخهم لنوع من الابتزاز والاحتكار.
ولذلك فنحن اتخذنا الإستراتيجية التي تخولنا بناء أفضل المشاريع، بأفضل التقنيات، واستخدام أعلى جودة ممكنة، وفي المقابل؛ لا نجبر أحداً من العملاء على شراء منتجاتنا تحديدا، بل أحيانا كثيرة ننصح العميل بشراء أجهزة، ومعدات من شركات منافسة، وهذا التصرف أكسبنا ثقة كبيرة لدى عملائنا الذين لم يعتادوا على مثل هذه التصرفات.
- اتجهت الشركات الأجنبية الكبرى إلى التركيز على المسئولية الاجتماعية Social Responsibility؛ بتنفيذ مشاريع مجانية، فهل لكم أعمال مثل تلك المشار إليها، وخاصة في المملكة؟.
- تعتبر المسئولية الاجتماعية واجبا على الجميع، لما فيها من إظهار التكاتف والتعاون، وإبراز الجانب الإنساني الذي هو مزروع في قلب كل واحد منا، ونحن بدورنا نسعى لتحقيق ذلك، وإستراتيجيتنا مبنية عليه، وذلك بإتاحة برامجنا ومنتجاتنا للتطوير، وكذلك إتاحة ترقية الأنظمة مجانا ومدى الحياة، والتدريب نقدمه بدون مقابل، إلا أننا نعترف أن هذا الشيء لا يكفي، ولذلك فقد قمنا بأعمال خيرية كثيرة في بلدان عربية، وهناك توجه لمثل ذلك هنا في المملكة، ونحن نمد أيدينا، وجاهزون لتلك المهمة متى ما أتيحت لنا الفرصة.
المصدر: صحيفة الرياض السعوديه